ونادها بالمودة !

استلم إمرأتك كما تستلم الأم وليدها .

وأستلمها كبراعم العيد ومسك الختام .

وكأول راتب في حياتك .

وكالفرحة العطرة والصولجان .

وأستلمها كدقات قلبك وكمرحك في المنبسط من الأرض والمنخفض من الأودية .

كخاتمة البيداء والمطاف والقصيدة .. كالمطر .

واستلمها بذراعيك وصدرك ودفق شعورك .

قل لها :

ياامرأتي .. يا كل المحطات التي يتوقف فيها قطاري .

يا كل المطارات التي تستقبل طائرتي .

يا كل الموانئ التي تحتضن سفينتي .

يا تين الشام وبلح تونس وعسل اليمن وحليب السعودية وخبز مصر وتفاح لبنان .

يا ملح الحياة وسكر الروح .

يا من أطوف حول خيالها مؤديا" احد أركان الحب .

يا من ألتف حول طيفها كعلم الوطن الملتف على جذع النخل .

يا من آكل من خيالها من طبق واحد .. ونشرب من كأس واحدة .. ونجلس فوق كرسي واحد .. ونفكر بعقل واحد ونكتب بقلم واحد .. ونعيش بقلب واحد .

يا أشهى فاكهة الأرض .. يا شاهدة عليّ .. على شهيقي وزفيري وأفكاري .

يا من ارى الدنيا بعينيها .. يا طاغية الحضور ومدوّية الغياب .. يا الشاهقة الفارعة السامقة .. يا السامعة الجامعة اللامعة .. يالحاكمة الكاتمة العالمة .

وقل لها :

فديت عينيك وأنفك وشفتيك وكل ذرة فيك .. واليوم الذي ولدت فيه .

فديت ملابسك وهاتفك ووالديك اللذين كنت أروع نتيجة لمزاجهما .

فديت الكرسي التي تجلسين عليه والملاعق التي تأكلين بها والصحون التي تأكلين منها .. والأكواب والكؤوس التي تشربين منها .

فديت الكتب التي تقرئين .. والصحف التي تتصفحين .. والأغاني التي تسمعين .. والبرامج التي تشاهدين .

فديت النسيم الذي يلامس خدك .. الحلق الذي يتدلى من أذنيك .. والتراب الذي تمشين عليه .

قل لها :

إن فصيلة دمك

O +

فصيلة كريمة وإنك تهديها إياه وتهديه إلى أهلها إن احتاجوا إليه .

دمك وقف عليها .. حلال عليها .. وإنك على إستعداد لأن تعطيها ما احتاجت من أعضائك .

هل تريد إحدى عينيك أو كليتيك أو ساقيك أو أي شيء منك .. فهو لها .

الست منذ طفولتك ملكا" لها ؟

ألم تتملّك قلبك ؟

فما بالك ببقية جسدك ؟

وقل لها :

إنك .. كذلك .. أوصيت بجسدك لها بعد مماتك .. ولو كانت الوصية بالروح ممكنة فهي لها .

أنت أعطيتها روحك في حياتك .. وإن شاءت أن تمنعها من الصعود إلى السماء بعد رحيلك فهي لها .

قل لها :

إنك تشتهي أن تخضّب أناملها بالكلمات الدافئة .. وتجعلها تتسلق صدرك كالسلم الموسيقي وأنت تصدح بلحن السماء .

امنحها كل الذي تمنحه نفسك في لحظات التحليق .

أخبرها كيف تحلق السعادة بجناحين .. أنت وهي .

ارتفعا معا" حتى يتمتم باسميكما الإنس والجن .. تتمتم المخلوقات باسرها .. ويرتفع الصوت بارتفاعكما .. أعني اسمكما .. هو إسم واحد لكليكما .. وبكما ستختلط أسماء الذكور والإناث وتتوحّد .

ستتوحد القلوب والأرواح .. سنحدر منكما جيل جديد من العشاق .. جيل مبتسم حالم ساهر كريم متسامح معطاء .. كلامه حب .. وفعله حب .

قل لها :

إنك لن تكف عنها .. لن تمنع نفسك من الهوى .. ستشرع كل أبوابك .. لن تنسحب من الميدان .. ولن تقلق راحتها بشبح الإنسحاب .. الحب أمان .. وبقاؤك على رأس الغرام ضمان لإستمرار الحياة وظهور جيلكما الجديد .

ستشرع الأبواب لأنها ذات مساء مخملي طرقت بابك ووضعت أذنها عليه لتستمع لنبضات قلبك .

ليلتها كانت أفريقيا صاخبة ومجنونة .. تجمع طبولها وتقيم احتفالاتها وتعزف إيقاعها وترقص في قلبك .

كان قلبك يرجف ويداك ترتعشان .. إنه الحب !

نادها باسمها ..

نادها بما يسرّها .. وبما يمسح التعب عن جبينها والأسى من عينيها .. والحيرة والتردد من شفتيها .

نادها في الشدة والرخاء .. والحلكة والضياء .. والراحة والعناء .. والجفاء واللقاء .. والصمت والغناء .. واليأس والرجاء .

نادها من شروق الشمس وحتى غروبها..

ونادها بالمودة والرحمة ..!!